البروبيوتيك، البريبايوتيك، والبوستبيوتيك: ما الفرق؟

Picture of Dr. Suleiman Atieh

Dr. Suleiman Atieh

Suleiman Atieh, experienced pharmacist specializing in healthcare, patient wellness, safe medication practices, disease management, and supplement guidance.
الفرق بين البروبيوتيك والبريبايوتيك والبوستبيوتيك لصحة الأمعاء

البروبيوتيك، البريبايوتيك، والبوستبيوتيك: ما الفرق؟

في السنوات الأخيرة، تصدّر مصطلح “صحة الأمعاء” مشهد الصحة والعافية، ولم يعد غريبًا أن نسمع كلمات مثل البروبيوتيك، البريبايوتيك، والبوستبيوتيك في أحاديث التغذية والمناعة وحتى الصحة النفسية. ومع ذلك، فإن هذه المصطلحات كثيرًا ما تستخدم بصورة متبادلة، مما يؤدي إلى خلط في المفاهيم.

لذلك، أصبح من الضروري أن نوضح الفرق بينها، لا سيما في ظل التقدم العلمي المتزايد الذي يربط بين صحة الأمعاء والرفاهية العامة. ومن هذا المنطلق، سنستعرض في هذا المقال الفروق الجوهرية بين هذه العناصر الثلاثة، وسنبيّن كيف يعمل كل منها بشكل متكامل لدعم الجهاز الهضمي وصحة الإنسان بشكل عام.

أولاً: ما هو البروبيوتيك؟

من الناحية العلمية، يشير مصطلح البروبيوتيك إلى الكائنات الحية الدقيقة، مثل البكتيريا والخمائر النافعة، التي تمنح الجسم فوائد صحية عند استهلاكها بكمية كافية. إذًا، فهي ليست مجرد مكونات غذائية، بل عناصر نشطة تعمل مباشرة داخل الجهاز الهضمي.

فعندما تدخل هذه الكائنات إلى الأمعاء، تبدأ بالقيام بوظائف متعددة، نذكر منها على سبيل المثال:

  • إعادة التوازن الطبيعي للميكروبيوم المعوي، خاصة بعد استخدام المضادات الحيوية.

  • الحد من تكاثر الكائنات الضارة من خلال التنافس المباشر.

  • تنشيط الجهاز المناعي وتحفيز آلياته الدفاعية.

  • تحسين عملية الهضم من خلال إنتاج إنزيمات ومركبات مفيدة.

ومن بين أشهر مصادر البروبيوتيك الطبيعية، يمكن الإشارة إلى الزبادي الحي، الكفير، الكيمتشي، مخلل الملفوف، والميسو. بالإضافة إلى ذلك، تتوفر البروبيوتيك على شكل مكملات غذائية تحتوي على سلالات محددة مثل Lactobacillus acidophilus، وهي سلالة معروفة بدعمها لصحة الأمعاء والمناعة.

وبعبارة أخرى، يمكن تشبيه البروبيوتيك بالعمال المهرة الذين يصلحون ويعززون بنية الأمعاء الداخلية.

ثانيًا: ما هو البريبايوتيك؟

بالمقارنة مع البروبيوتيك، فإن البريبايوتيك ليس كائنات حية، بل هو نوع من الألياف الغذائية غير القابلة للهضم. ومع أن الجسم لا يستطيع تكسير هذه الألياف أو امتصاصها، فإن لها دورًا بالغ الأهمية في تغذية البروبيوتيك وتعزيز بقائها ونشاطها.

وبمجرد أن تصل البريبايوتيك إلى القولون، تبدأ عملية التخمر الميكروبي، مما يؤدي إلى إنتاج مركبات مغذية تدعم صحة الأمعاء.

ومن أبرز مصادر البريبايوتيك الغذائية: جذر الهندباء، الثوم، البصل، الموز الأخضر، الهليون، بالإضافة إلى الحبوب الكاملة مثل الشوفان والشعير. كما يعتبر الإينولين من أكثر المركبات البريبايوتيكية شهرة واستخدامًا.

وعليه، فإن البريبايوتيك يمثل الأساس الغذائي الذي تعتمد عليه البروبيوتيك، تمامًا كما يعتمد النبات على التربة والسماد.

ثالثًا: ما هو البوستبيوتيك؟

بينما تنتج البروبيوتيك عن طريق الهضم والتكاثر داخل الأمعاء، فإن البوستبيوتيك يُعد نتاجًا ثانويًا لهذا النشاط الميكروبي. بمعنى آخر، هي المركبات الحيوية التي تفرزها البروبيوتيك بعد تغذيتها بالبريبايوتيك، وتُعرف بفعاليتها العالية في دعم صحة الجسم.

ومن أبرز وظائف البوستبيوتيك:

  • تعزيز الحاجز المعوي ومنع تسرب السموم إلى الدورة الدموية.

  • تقليل الالتهابات سواء داخل الجهاز الهضمي أو خارجه.

  • ضبط الاستجابة المناعية، مما يقلل من فرص الإصابة بالحساسيات وأمراض المناعة الذاتية.

  • تحسين التوازن الأيضي، بما في ذلك مستويات السكر والدهون في الدم.

وتشمل الأمثلة الشائعة للبوستبيوتيك: الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة مثل البيوتيرات، اللاكتات، بقايا جدران الخلايا البكتيرية، وكذلك مركبات مضادة للميكروبات مثل البكتريوسينات.

ولذلك، يمكن اعتبار البوستبيوتيك النتائج الفعلية والمباشرة التي تُترجم إلى فوائد صحية ملموسة.

توضيح الفروقات بشكل مبسط

لزيادة التوضيح، يمكن تلخيص الفروقات على النحو التالي:

  • البروبيوتيك: كائنات حية مفيدة تعمل على تحسين بيئة الأمعاء.

  • البريبايوتيك: ألياف تغذي هذه الكائنات وتحفز نموها.

  • البوستبيوتيك: مركبات ناتجة عن التفاعل بين البروبيوتيك والبريبايوتيك، تقوم بتعزيز الصحة العامة.

وبالتالي، فإن هذه العناصر الثلاثة ليست متنافسة، بل متكاملة؛ إذ إن كل واحدة تعتمد على الأخرى لأداء وظيفتها بفاعلية.

خلاصة القول

من خلال ما سبق، يتضح أن دعم صحة الأمعاء لا يقتصر على عنصر واحد، بل يعتمد على تكامل بين البروبيوتيك، البريبايوتيك، والبوستبيوتيك. لذلك، فإن تناول غذاء متوازن يحتوي على أطعمة غنية بالألياف الطبيعية، وأخرى مخمرة، يعزز من تنوع الميكروبيوم ويقوي وظائف الجسم الحيوية.

كما أن دمج هذه العناصر الثلاثة في النظام الغذائي ينعكس إيجابًا على الهضم، المناعة، التوازن النفسي، وحتى صفاء الذهن. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن هذه الاستراتيجية لا تتطلب تغييرات جذرية، بل خطوات بسيطة لكن منتظمة.

أسئلة شائعة

هل يمكنني الحصول على البروبيوتيك، البريبايوتيك، والبوستبيوتيك من الطعام فقط؟
نعم، بشرط أن يكون النظام الغذائي متنوعًا ويحتوي على كميات كافية من الألياف والأطعمة المخمرة.

هل توجد مكملات غذائية تحتوي على بوستبيوتيك؟
بالتأكيد، بدأت مكملات البوستبيوتيك بالظهور، وهي مفيدة خصوصًا لمن لا يتحمل البروبيوتيك الحي.

هل يمكن للبروبيوتيك أن يعمل بدون وجود البريبايوتيك؟
يمكنه ذلك، إلا أن وجود البريبايوتيك يعزز من فعالية البروبيوتيك بشكل كبير ويدعم استقراره.

متى يمكن ملاحظة تأثير البروبيوتيك على الصحة؟
في بعض الحالات، تظهر التحسينات خلال أيام، بينما قد تستغرق أسابيع أو شهور لتحقيق نتائج طويلة الأمد.

هل هناك آثار جانبية لهذه المركبات؟
قد تظهر بعض الأعراض البسيطة مثل الانتفاخ أو الغازات، لكنها غالبًا ما تكون مؤقتة وتزول مع الاعتياد.

ما الأفضل: الحصول على البروبيوتيك من الطعام أم من المكملات؟
كلاهما مفيد، لكن الأطعمة المخمرة توفر تنوعًا طبيعيًا غنيًا، في حين يمكن للمكملات أن توفر تركيزًا محددًا من سلالات معينة عند الحاجة.

Facebook
LinkedIn
Email
WhatsApp